أنا، التي روحها تشتعل بنيران الثورة
التي هي دائمة الرفضِ والتمرد
أعلنُ أنّي:
لم ولن أتمرد على البكاء
فدمعي مني، ودمعي عطاء
كحليب أُمٍ تُضحي لوليدها لترويه
عطشي إليكَ عيني ترويه
بقطراتِ ماءٍ تجري من جفوني إلى فمي
توقظ الخدين على ندى النسيم السارحِ على وجهي
حاملاً في ذراته بلسماً لنزيف جرحي
لم ولن أتمرد على البكاء
وإن اختل توازن قطرةٍ وسقطت على الأرض، تُخصبها
وإن وجدت نفسها في غفلةٍ من الزمان فوق بقعةٍ داكنة من السواد، تُخضبها
فيا دمعي لا تحزن.. أنت ما تبقى لنا من ذكرى المحبوب
يا دمعي شهّل شهّل.. بك تحيا من جديد القلوب
يا دمعي عجِّل.. اغسل بطهارتك كل الذنوب
سبحانك ربي ما أصغره وما أقواه
كقبلة الحياة لروحي التي توشك على الفناء
كصرخةٍ يعلو صداها للفضاء
كبالون فتاة صغيرة
تغلق عينيها وتتمنى أمنيةً
ثم تطلق البالون لربِها في السماء
تلك ليست أمنيتي بل هو دعاء
مدامعي ملائكتي، تحاصرني لتحرسني
حتى إذا غفلتُ عنك، توقظني
تزغلل عيني كشمعةٍ تحترق
وتُعلن الحرب!
من أين تندفع كالسيول ولسنا في موسم المطرِ؟
بأي حق تتخذ – من دون إذني- من أحزاني لك منبعاً؟
بأي منطق تفيض في مواسم الفيضان وفي مواسم الجفاف لا تجف؟
كيف تخالف قواعد الطبيعة؟
ماء ولكنه في كل الفصول لا يتحجر
ماء ولكنه في كل الفصول لا يتبخر
وأنا، منافيةٌ لكل العقول، ما زلت أقول
لم ولن أتمرد على البكاء
كجروٍ صغيرٍ لا يهلكهُ العواء
لم ولن أتمرد على البكاء
ككورس أغنية صاخبة يخترق أذني وسط الضوضاء
لم ولن أتمرد على البكاء
بإصرار فقير معدوم يُنقّب بحثاً عن الثراء
أصر دمعي علي احتلال موطن عيني، بنية البقاء
وكيف أحتجّ وأنا التي تدرب قلبها علي الحب والعطاء؟!
كيف أبخل على عيوني بما يُنفس عنها الشقاء؟!
الليلة فقط أواجه الحقيقة
لم أجد للشفاء من سرطان حبك طريقة
سرطان حبك دائي ودوائي
فالليلة فقط أواجه الحقيقة
أنّي في بحور حبك أزيدك بلؤلؤٍ
انتقيته من أعذب مشاعري
أبكي من أجلك بلا خجلٍ
فالليلة فقط أواجه الحقيقة
أنّي في بحور حُبك.. قرنتُ أنفاسي بأمواجك
حتى أصبحت أتلذذ بالبكاء
فأنا،التي روحها تشتعل بنيران الثورة،
التي هي دائمة الرفضِ والتمرد
أعلنُ أنّي:
لم ولن أتمرد أبداً على البكاء